البئر الرومانى بحجازة

منذ صغرى وانا اسمع الناس يتحدثون عن البئر الرومانى وانه موجود فى حجازة فى الناحية الشرقية بعد الجورة وحاولت تخيله او رسم صورة له فلم استطع وظل فى خيالى حتى وصلت المرحلة الثانوية وهناك سمعت عنه من زملاء الدراسة فقررت الذهاب لزيارته واتفقت مع ثلاثة من الأصدقاء واولاد العم على الذهاب معى نظرا لخوفى فالطبيعة المتأصلة عند اهل المدينة هى الخوف من الصحراء فقد رسمت لى القصص والروايات صورة قاتمة عن قسوة الصحراء وغدرها فهى بالنسبة لى مثل رائعة يوسف ادريس (النداهة ) وكنا فى هذة المرحلة من العمر عقولنا لم تنضج بعد ومتأثرين بقرأة روايات مصرية للجيب وادب الخيال العلمى وبالتالى لم نذهب الى هناك حتى وفرنا ادوات الرحلة مثل القداحة والبوصلة والاحذية الرياضية وجركن الماء ومطواة قرن غزال ومسدس صوت لتخويف الذئاب هذا ما استطعنا اخذه معنا لكن كانت هناك قائمة طويلة جدا من ادوات الكشافة التى نريد اصطحابها معنا وكأننا سنعبر صحراء الربع الخالى لكن بعد مراجعة العقل لم نأخذ معنا الا ماسبق ذكره وكان تحركنا قبل العصر بالدراجات وهذا اوضح مظاهر نقصان العقل ان تدخل الصحراء راكبا دراجة وبالفعل كان نقصان عقل فبعد عبور الجبانة بقليل غرزت اطارات الدراجات ومشينا على الارجل نجرها معنا وبعد مسافة قصيرة كنا قد تعبنا من جر الدراجات فاغلقناها بالاقفال وتركناها



على جانب الطريق الترابى ووصلنا الى الجورة وراينا الهاوية العميقة التى تعبئ منها القلابات وتلال الرمال الناعمة التى تبعث على الراحة
النفسية واكملنا السير وبعد مسافة نصف كيلو متر ستجد البئر الرومانى وهو عبارة عن شق فى الارض او تجويف صخرى غير منتظم الحواف عمقه من اربعة الى ستة امتار خالى من الماء لانه ليس بئر بل هو كهف صغير مخالف لطبيعة الكهوف لانه راسى وليس افقى وكانت هذه الحفرة الصخرية موجودة فى منحدر ارضى وطبيعة الصخرية واول ما تلاحظه عند وصولك هناك هو اثار الناس وخاصة المشعوذين والطامحين الى
الثراء فهناك سيناريو على الارض يرسم خارطة للتخلف وقسوة الفقر فالبئر او التجويف مملوء ببقايا الاطعمة واعقاب السجائر ورماد النار وبقايا فضلات ادمية تدل على ان هناك عشرات القوافل التى جاءت الى المكان واقامت فيه اياما تمارس شعوذاتها وطقوسها الروحانية الشيطانية ايضا تلاحظ ووجود بقايا فخار او (شقف احمر) وهو عند المشعوذين وحفارين المقابر من اهم علامات وجود الكنوز وهو هناك متوفر بكميات كبيرة متناثر على سطح البئر وداخلها وتلاحظ ايضا وجود ثقوب فى ارضية البئر وجدرانها هذه الثقوب ليست طبيعية بل محفورة باليد بواسطة (ازميل) او (كمبروسر) ربما كانت تستخدم فى محاولات تفجير الجدار الصخرى بواسطة الديناميت وعلى مرمى حجر من المكان توجد ساحة تدريب وميدان اطلاق نار تابع لعساكر النقطة يستخدم للتدريب على اطلاق النار وتوجد به شخوص وهياكل خشبية للرمى نحوها بالرصاص الحى درنا فى المكان وتتبعنا اثار الاقدام واثار عجلات السيارات وكنا نطبق كل ما قراناه فى الروايات البوليسية وتوصلنا الى نتيجة تؤكد ان عشرات الاقدام جاءت الى هذا المكان واقامت فيه اياما فكل ركن يتحث ويفضح زائريه لانهم نسوا اخفاء اثارهم ومخلفاتهم اليومية, وفى رحلة البحث والتتبع ابتعدنا عن المكان فشعرنا باننا تهنا وحاولنا تذكر الطريق والمدخل وبدء نقاش تعالت فيه الاصوات وكل خبير يدلى بدلوه وصديقى العبقرى يمسك بالبوصلة كبحار قديم ويؤكد ان اتجاه الشمال ناحية اليمين رغم ان الشمس كانت تغرب فى ظهورنا لكنه الخوف كنا ندعى الثبات ونتقمص شخصيات الروايات البوليسية لكننا من الداخل كنا مرعوبين من


مصير الصحراء خاصة حين لمحنا كلب شارد فى الصحراء على امتداد الافق والذى اكد لنا فيلسوف الشلة انه ذئب صحراوى وبعد نصف ساعة من الدوران وغياب البصر والبصيرة صعدنا تبة صغيرة لنجد الجورة
ونرى بيوت القرية ليست بعيدة ودراجاتنا هناك ملقاة على الطريق والقلابات تدخل وتخرج من الجورة وعرفنا ان الصحراء ابعد مما تصورنا واننا لم نبتعد عن القرية كثيرا ولم نغزو الصحراء لاننا لم نخرج اصلا من القرية عدنا ومعنا بعض الحجارة الغريبة الشكل وبعض الشقف عدنا بعدما اكتشفنا اننا مجرد

إرسال تعليق

0 تعليقات