كتب د/طه حسين الجوهرى
بعد سنوات من البحث عن احداث 1824 في صعيد مصر وهي احداث كبري تبدلت بعدها أحوال الصعيد وتغيرت فيها التركيبة الاجتماعية بشكل كبير وظهرت على السطح في العديد من قراها مجموعة جديدة من الاعيان وتم القضاء على اعيانها القدماء او فروا من قراهم الي السودان او الي الوجه البحري
اثناء عملية البحث دفعتني المصادفة الجميلة للتعرف على باحث من الطراز الأول ومن الباحثين الجادين الواعدين في مجال التاريخ وللحقيقة وجدته سبقني بمراحل كبيرة في الوصول لبعض النتائج المميزة في هذا الموضوع وأكثر ما جعلني ارفع له القبعة احتراما انه ليس من أولئك الذين يكتبون التاريخ بقلم غيرهم ولا يفكرون بعقل مؤرخ سابق، بل يحلل ويفند كل ما يصل اليه انه الصديق العزيز الدكتور الطاهر امين. وللأمانة العلمية انقل جزء كبير مما توصل اليه من احداث ومن خلال بعض كتب المستشرقين والرحالة التي كنا نتناقش فيها طويلا وما سأكتبه كان هو صاحب الجهد الجهيد وان كنت سأذيل المقالات القادمة بتحليلي ورأي المتواضعين في هذه الاحداث والمجريات التاريخية معتمدا على بعض الوثائق الأخرى وبعض الروايات الشفهية التي كنا نسمعها ونسجلها حول هذا الامر
البداية كانت من قرية حجازه وهو ما يؤكده على مبارك كما ذكرنا في المقال السابق وكذلك ننقل ترجمة لاحد المستشرقين الذين عاشوا في المنطقة وهم كثيرون يقول أحدهم ما نصه ان هذه الاحداث بدأت في شهر مارس بالتحديد 14 مارس ويحكي لنا عن يوميات هذه الاحداث كالتالي:
" زعم البعض أن المهدي العجوز المزعوم قدم من الحجاز، وزعم آخرون أنه من مكة، كما زُعِم أيضاً أنه من (حجازة) على حدود الصحراء وبالقرب من النيل.
وكان يدعى أنه يوحى إليه وأن صحافاً مكتوبة سقطت عليه من السماء ترشده بما يتوجب عليه فعله، وقد صدقه أتباعه في كل شيء، فقد كانوا على يقين من أن الله أرسله، وقد نسبوا له معجزة حين نقص خبزهم حيث أخذه وقسمه عليهم فزاد عن احتياجاتهم.
14 مارس
كان المهدي المزعوم بالبعيرات ويتجمع حوله من 300 إلى 400 من عرب هذه البلدة، وقد طلبوا منه قطع رقاب جميع الأقباط، ولكنه أجابهم قائلاً: لا، إياكم أن تؤذوا أحداً منهم إلا إن قاتلوكم.
وعندما علم أن 2 من الانجليز يقيمان بالقرنة، قال: إن الانجليز أصدقاؤكم كما أنني كنت صديقاً للإنجليز، وأقسم على المصحف والسيف أنه إذا تعدى أي شخص على الانجليز، حتى لو بسرقة حبل الجمل أو الحمار فسيعيده لهم جملاً أو حماراً، مضيفاً أنه أتاه أمر من الله ومن رسوله بإسقاط (محمد علي باشا).
ولكنهم قرروا مهاجمة الكاشف الجديد الذي وصل للتو إلى قامولا.
15 مارس
وصل المتمردون إلى قمولا فأطلق عليهم الجنود النار ولكن بعد نهبهم المكان وأخذ بعض الممتلكات وكان الكاشف القديم ينوي أخذ كل أحصنته وأمتعته هذا الصباح ، فقد وجدوا أحصنته الـ 40 معدة لذلك ، ونتج عن الهجوم مقتل 17 من العرب ورميهم في النيل وجرح 23 ، بينما قتل من الجنود 3 فقط .
عند عودة المتمردين توقف العرب الجرحى في معبد ممنون وفي المساء ذهبوا إلى (أرمنت) بعد ذلك ذهب شيخ إلى القرنة برفقته جماعة صغيرة من أهل قمولا ليعرفوا هل النبي المزعوم ما زال بالقرنة أم ذهب إلى مكان آخر هو وأتباعه .
16 مارس
العديد من عرب الأقصر والكرنك الذين يقال أنهم سيئون لحقوا بالنبي المزعوم إلى أرمنت ، وقد كان الأغا أو قد غادر الأقصر متوجهاً إلى قنا صباح يوم 14 مارس حيث لم يكن معه غير 5 جنود تحت قيادته ، لم يتمكنوا بالطبع من فعل أي شيء ، وقد نهب العرب 8 من خيوله بالإضافة إلى عباءاته .
18 مارس
ذهبت مجموعة من أهل القرنة في موكب ، معهم رماح ورايتين ودعوا بقية أهل القرنة للانضمام إليهم ، فلبى أهل القرنة جميعهم تقريبا وذهبوا.
أحد أهالي القرنة قد نصب أميراً على 1000 من الرجال ، وعن تعداد المتمردين حينها فقد ادعى المسلمون أنهم 19000 بينما ادعى المسيحيون أنهم 7000.
في حدود الساعة الـ 9 مساء اثنان من أهالي القرنة مسلحين بالرماح والسيوف ذهبا إلى بلدتهم التي غادروها صباحاً إلى أرمنت لاتباع المهدي المزعوم ، وسلموا بعض الانجليز المتواجدين هناك رسالة صغيرة كتبها النبي المزعوم نصها :
"سلام الله ونبيه وسلامنا على جميع الانجليز! فليأمنوا ولا يخشوا شيئاً ؛ ومن آذاهم فإنما يؤذي نفسه!
ونستكمل الاحداث في مقال قادم ان شاء الله
0 تعليقات
شاركنا تعليقك، وتذكر انك محاسب امام الله على ما تكتبه